زيادة وزن الطفل عن المعدل الطبيعي: ولماذا لا يصلح رجيم الكبار للأطفال؟

صورة طفلة تغطي وجهها لمقالة " زيادة وزن الطفل عن المعدل الطبيعي "

تتزايد اليوم ظاهرة زيادة وزن الطفل عن المعدل الطبيعي بشكل ملحوظ في مختلف أنحاء العالم وخصوصًا في العالم العربي، وهي مشكلة صحية واجتماعية لها تداعيات كبيرة على حياة الطفل ومستقبله، وقد يلجأ الكثير من الأهالي لتطبيق رجيم الكبار على أطفالهم؛ ظنًا منهم أنه الحل الأمثل، لكن الحقيقة أن هذا الأسلوب غير مناسب تمامًا وقد يكون مضرًا، سنناقش في هذا المقال كيف يمكن التعرف على الوزن الزائد عند الأطفال بشكل دقيق، وأبرز الأخطاء التي يقع فيها الأهالي عند التعامل مع زيادة وزن الأطفال، بالإضافة إلى أساليب صحية ومتوازنة تساعد في الحفاظ على وزن مناسب للأطفال.

كيف نعرف أن وزن الطفل زائد فعلًا؟

لكي نقرر ما إذا كانت زيادة وزن الطفل عن المعدل الطبيعي حقيقة تستوجب التدخل، نستخدم معايير علمية مبنية على منحنيات النمو:

  • اختبار الطول مقابل الوزن: إن استخدام منحنيات النمو الصادرة عن الهيئات المختصة يساعد على تحديد ما إذا كان الوزن ملائمًا لطول الطفل.
  • حساب مؤشر كتلة الجسم (BMI) للأطفال: وهو مؤشر يساعد في إدراك ما إذا كان الطفل يعاني من زيادة في الوزن أو سمنة، بناءً على العمر والجنس.
  • المراجعة الطبية الدورية: زيارات الطبيب المنتظمة تسهم في تقييم النمو، ووجود أي علامات صحية مرتبطة بالوزن مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدم.

هل شكل الطفل “الممتلئ” صحي؟ خرافة شعبية أم خطر حقيقي؟

يشاع بين الكثيرين أن شكل الطفل الممتلئ دليل على صحة جيدة، ولكن هذه خرافة شعبية يمكن أن تؤدي إلى تجاهل زيادة وزن الطفل عن المعدل الطبيعي حتى تتطور إلى مشكلة سمنة حقيقية:

  • إذا كان مظهر الطفل ممتلئًا بسبب تراكم الدهون وليس الكتلة العضلية، فهذا قد يعني زيادة الخطر لأمراض مثل السكري أو مشاكل القلب.
  • الأطفال الذين يبدو عليهم الامتلاء ويملكون نمط حياة بطيء قليل النشاط قد يكونون معرضين أكثر للضرر.
  • الشكل وحده لا يكفي للحكم على الصحة، حيث يجب التحقق من النشاط اليومي، العادات الغذائية، والنمو العام بالاعتماد على معايير علمية وليس فقط المظهر.

ولذلك يجب تقييم الطفل بشكل شامل بعيدًا عن مجرد المظهر الخارجي.

أخطاء شائعة في التعامل مع سمنة الأطفال

في التعامل مع سمنة الأطفال، يرتكب كثير من الأهالي هذه الأخطاء التي قد تفاقم مشكلة زيادة وزن الطفل عن المعدل الطبيعي:

تجاهل الموضوع بحجة أن الطفل سيطول لاحقًا

بعض الآباء يؤجلون التفكير في الوزن الزائد لاعتقادهم أن الطفل سيصبح أطول ويختفي المظهر الممتلئ، ولكن تأجيل المشكلة قد يؤدي لتثبيت السمنة وزيادتها لاحقًا خاصًة إذا لم تتغير العادات الغذائية للطفل.

اللجوء إلى حبوب تنحيف أو أعشاب دون إشراف طبي

إن استخدام أي عقاقير أو أعشاب لتخسيس الأطفال دون إشراف متخصص قد يعرضهم لمشكلات صحية خطيرة خاصًة مع كثرة الاحتيال والخداع في مثل هذه المنتجات.

حرمان الطفل من الطعام بدلًا من تنظيمه

قد يخلق الامتناع التام عن بعض الأطعمة تأثيرًا عكسيًا يدفع الطفل للأكل بنهم عند العودة للطعام، بدلًا من ترسيخ تغذية الأطفال الصحية.

مكافأة الطفل بالحلويات: عادة تربوية تغذي المشكلة

استخدام الحلويات كمكافأة قد يعزز لدي الطفل ربط الطعام بالراحة النفسية أو الاحتفال، وقد يزيد من الميل للأكل العاطفي.

التركيز على الوزن فقط بدلًا من الصحة والنشاط

التركيز على الوزن فقط يمكن أن يخلق ضغطًا نفسيًا، الأهم هو تعزيز حركة الطفل اليومية والنشاط بدلًا من التركيز فقط على تخفيض الأرقام في الميزان.

ما الحل؟ نهج متوازن وصحي

تتطلب معالجة زيادة وزن الطفل عن المعدل الطبيعي أسلوبًا علميًا يحافظ على نمو الطفل مع تنظيم وزنه؛ ولذلك ننتقل إلى الحل بأساليب صحية ومجربة تحقق الفائدة بدون أضرار، مع مراعاة نفسية الطفل وتشجيعه على التغيير التدريجي الذي يدوم طويلًا ويعزز ثقته بنفسه.

رجيم للأطفال لا يعني الجوع… بل تغذية الأطفال بطريقة ذكية

يجب أن يكون رجيم للاطفال قائمًا على مبادئ علمية مدروسة تهدف إلى خفض السعرات تدريجيًا مع الحفاظ على النمو السليم وتوفير كل احتياجات الجسم اليومية:

  • تقسيم الوجبات بحيث تشمل الكربوهيدرات، البروتين، الفاكهة، الخضار، والدهون الصحية من مصادر طبيعية غير مصنّعة، وبكميات مناسبة لعمر الطفل واحتياجاته اليومية للنمو والطاقة.
  • يساعد تنظيم مواعيد الوجبات على ضبط الشهية ومنع تناول الطعام العشوائي، كما يعلم الطفل الانضباط الغذائي، ويمنع نوبات الأكل العاطفي أو التهام الطعام بشراهة عند الجوع الشديد.
  • احترام الجوع والشبع لدى الطفل دون إجباره على إنهاء الطعام، فمن المهم تعليم الطفل الاستماع لإشارات جسده وعدم الضغط عليه؛ لأن احترام إحساسه بالشبع يساعده على بناء علاقة صحية مع الطعام دون ارتباط بالضغط أو المكافأة.
  • إشراك الطفل في اختيار وتجهيز الطعام لتشجيعه واعتماده على نفسه مثل: السماح له باختيار خضرواته أو تزيين طبقه بطريقته الخاصة؛ فذلك يعزز إحساسه بالمسؤولية ويزيد تقبّله للطعام الصحي، ويجعله فخورًا بما يعده بنفسه.

كيف نصمم نظام غذائي يساعد الطفل على تخسيس وزنه دون حرمان؟

بدلًا من حرمان الطفل، نجعل الأطعمة الغنية مغذية ومحببة له: مثل الفاكهة الطازجة، الزبادي قليل الدسم، وغيرها.

  • تقليل السكر المُضاف قدر الإمكان مثل المشروبات، والحلويات الجاهزة.
  • تشجيع تناول البروتين والخضروات في كل وجبة.
  • الاعتماد على أغذية طبيعية وتجنب المصنع كلما أمكن.

الحركة اليومية جزء من الحل، وليس فقط تقليل الأكل

إن التركيز على زيادة النشاط اليومي مهم جدًا للأطفال، فالنشاط يساعد الطفل على حرق السعرات الزائدة ويعزز من صحته العامة، ومن الأنشطة المفيدة التي يمكن أن يمارسها طفلك: الألعاب الرياضية، المشي، أو الركض.

وفي الختام، تعتبر زيادة وزن الطفل عن المعدل الطبيعي قضية صحية تُستدعي التدخل المبني على المعرفة والتوجيه الصحيح، فاتباع رجيم الكبار للأطفال لا يحقق النتائج المرجوة في الكثير من الأحيان، بل قد ينقلهم إلى دائرة من الحرمان أو الإشكالات الصحية، بدلًا من ذلك يجب تبني أسلوب متوازن يرتكز على تغذية الأطفال العلمية، وزيادة حركة الطفل اليومية وتصميم رجيم للاطفال ذكي لا يسعى للجوع بل للحفاظ على النماء الصحيح. مع التأكيد على أن هذه المقالة للتثقيف فقط وليست للتشخيص أو العلاج، وأن زيادة وزن الطفل عن المعدل الطبيعي تستلزم مراجعة الطبيب المختص لتشخيص الحالة ووضع خطة العلاج المناسبة.

تواصل معنا الآن للحصول على استشارة طبية متخصصة من دكتور أحمد شبانة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *