انقطاع النفس اثناء النوم: هل السمنة هي السبب؟

صورة شخص نائم لمقالة عن انقطاع النفس اثناء النوم

يعتبر انقطاع النفس اثناء النوم (Obstructive Sleep Apnea) أحد الاضطرابات التي تحظى باهتمام متزايد، ليس فقط لأنه يؤثر على جودة النوم والراحة، بل لأنه قد يكون مؤشرًا على مشاكل صحية مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب؛ ولذلك نجد الكثيرون يتساءلون: هل السمنة هي السبب لهذا الانقطاع؟ وهل يمكن علاج انقطاع التنفس النومي إذا تخلصنا من الوزن الزائد؟ سنتناول في هذا المقال كل ما يخص هذا الاضطراب: تعريفه، أسبابه، الدور الذي تلعبه السمنة فيه، وكيف تدخل فيه الدائرة المفرغة، وما هي الحلول المتاحة.

تنويه: يهدف هذا المقال إلى التوعية العامة فقط، ولا يُعتبر بديلاً عن استشارة الطبيب. إذا كنت تعاني من أعراض مشابهة، يُنصح بمراجعة طبيب مختص لإجراء التقييم والفحوصات اللازمة.

ماذا يعني انقطاع النفس اثناء النوم

انقطاع النفس اثناء النوم هو حالة طبية يتوقف فيها التنفس أو يقلّ بدرجة ملحوظة أثناء النوم؛ مما يؤدي إلى استيقاظات متكررة وجفاف في الفم وشخير مزعج وتعب شديد خلال النهار، وفي الحالات الشديدة قد يتوقف التنفس لعدة ثوانٍ أو حتى دقيقة مسبّبًا نقصًا في الأكسجين الذي يؤثر سلبًا على وظائف القلب والمخ، كما أن كثيرًا من المرضى يشكون من صعوبة التنفس أثناء النوم، ويحتاجون إلى علاج لصعوبة التنفس أو علاج لضيق التنفس المصاحب لهذه الحالة، فمع انخفاض الأكسجين، يبدأ الجسم بإرسال إشارات استغاثة، ما يوقظ الشخص جزئيًا ليستعيد تنفسه من جديد.

ما هي أسباب انقطاع النفس أثناء النوم

تتعدد الأسباب المؤدية إلى انقطاع النفس أثناء النوم، وتختلف حدتها من شخص لآخر، ولكنها غالبًا تنقسم إلى نوعين رئيسيين: أسباب هيكلية تتعلق بتكوّن مجرى الهواء، وأسباب وظيفية ترتبط بعوامل مثل السمنة أو ضعف العضلات.

تراكم الدهون في منطقة الرقبة والجذع

الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة المفرطة يكون لديهم تراكم دهني حول مجرى الهواء العلوي؛ مما يؤدي إلى تضييق الممر الهوائي، خصوصًا عند الاستلقاء، حيث يزداد الضغط على الأنسجة الداخلية، وهنا يظهر سؤال مهم: كم وزن السمنة المفرطة الذي يبدأ معه هذا الخطر؟ غالبًا ما يزداد الخطر كلما زاد مؤشر كتلة الجسم، فكلما زادت نسبة الدهون، زادت احتمالية الإصابة بانقطاع النفس واضطرابات التنفس.

تضخم اللحمية أو اللوزتين

قد يكون السبب في بعض الحالات تضخم اللوزتين أو اللحمية التي تسد مجرى التنفس جزئيًا أو كليًا أثناء النوم، وتعتبر هذه الحالة شائعة لدى الأطفال لكنها قد تستمر في البالغين أيضًا.

تكوين الفم والفك وتأثيره على مجرى التنفس أثناء النوم

بعض الأشخاص لديهم مشاكل هيكلية مثل: ضيق الحنك، أو تراجع الفك السفلي؛ مما يجعل المجرى الهوائي أكثر عرضة للانسداد أثناء النوم.

ضعف العضلات الداعمة لمجرى الهواء

في حالة ارتخاء عضلات اللسان والحلق أثناء النوم، يمكن أن تنهار الأنسجة الرخوة وتغلق مجرى الهواء مؤقتًا، وهو ما يُعرف بانقطاع النفس الانسدادي.

العوامل الوراثية والهرمونية

تلعب الوراثة دورًا في تحديد شكل وحجم مجرى التنفس، كما أن بعض الهرمونات مثل: هرمون الغدة الدرقية عند اضطرابها قد تزيد من احتمال الإصابة بانقطاع النفس.

العادات اليومية الخاطئة

التدخين، وتناول الكحول، والمنومات قبل النوم من العوامل التي قد تُسبب ضعف في عضلات الحلق وبالتالي من تزيد احتمالية حدوث انقطاع النفس أثناء النوم.

هل السمنة تسبب انقطاع التنفس فعلًا

السؤال الذي يُطرح كثيرًا هو: هل السمنة تسبب انقطاع التنفس؟ وفي الحقيقة نعم، تعتبر السمنة من أهم عوامل الخطر، وخاصةً إذا كانت في منطقة العنق والجذع، فتراكم الدهون قد يضغط على المجرى الهوائي أثناء الاستلقاء؛ مما يسهل انسداده أثناء انقطاع الجزئي أو الكامل للتنفس؛ ولذلك يمكننا الإجابة على سؤال “هل انقطاع التنفس بسبب السمنة؟” بنعم وبكل وضوح، حيث يؤدي الأكل الزائد وقلة الحركة إلى تراكم الدهون ليس فقط تحت الجلد بل أيضًا حول مجرى الهواء؛ مما يسبب ضيقًا في التنفس أثناء النوم واليقظة على حد سواء، كما أن الأشخاص المصابون بالسمنة المفرطة يعانون في الغالب من مشاكل في التمثيل الغذائي، واضطرابات في هرمونات الشبع والجوع مما يؤدي إلى تفاقم الحالة، وهنا يبرز سؤال آخر وهو “هل الأكل الزائد يسبب ضيق التنفس؟” والإجابة هنا أن لإفراط في تناول الطعام، خاصة قبل النوم مباشرة، قد يسبب تمددًا في المعدة يؤدي إلى ضغط بسيط على الحجاب الحاجز، مما قد يسبب شعورًا مؤقتًا بضيق في التنفس

كيف تدخلك السمنة في دائرة مُفرغة

العلاقة بين انقطاع النفس اثناء النوم والسمنة ليست من طرف واحد، بل هي علاقة دوارة، حيث كل حالة تؤثر على الأخرى بشكل متبادل؛ مما يوقع المريض في دائرة مفرغة يصعب الخروج منها إذا لم يُعالج الجانبان معًا.

كيف يسبب انقطاع النفس اثناء النوم زيادة الوزن

حين يتعرض الشخص لتوقف التنفس المتكرر ليلًا، يعاني من نقص الأكسجين وزيادة الإجهاد الليلي، فيؤثر ذلك على الهرمونات المسؤولة عن الشبع والجوع مثل الليبتين والغريلين، وبالتالي قد يزداد الشعور بالجوع، وينخفض التمثيل الغذائي؛ مما يدفع المريض لتناول الطعام أكثر وزيادة الوزن، وبذلك تصبح السمنة أكثر، وتزداد شدة الانقطاع في النوم، وهكذا تستمر الدورة.

هل التخلص من السمنة هو الحل الوحيد؟

قد يتساءل البعض: هل علاج السمنة هو الحل الوحيد لإنهاء انقطاع النفس اثناء النوم؟ وفي الحقيقة يعتبر فقدان الوزن من أهم مفاتيح العلاج، ولكنه ليس الحل الوحيد دائمًا، فبعض المرضى رغم فقدانهم وزنًا كبيرًا يظلون يعانون من درجات مختلفة من انقطاع النفس أثناء النوم بسبب عوامل تشريحية أو وراثية أخرى، ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن خسارة الوزن تُحدث فارقًا كبيرًا في شدة الأعراض عند البعض.

ولكن في الحالات المتقدمة  قد يكون من الضروري استخدام وسائل مساعدة مثل أجهزة ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر التي تساعد على إبقاء المجرى الهوائي مفتوحًا أثناء النوم، كما قد يحتاج البعض إلى تدخلات جراحية في الأنف أو الحلق لتوسيع المجرى الهوائي، خصوصًا إذا كانت هناك مشكلة هيكلية تمنع مرور الهواء بشكل طبيعي، وهنا تظهر أهمية العلاج الشامل الذي يجمع بين علاج السمنة وعلاج انقطاع النفس اثناء النوم الناتج عنها، فكلما تم التعامل مع الحالتين معًا، زادت فرص الشفاء الكامل وتحسنت جودة الحياة.

حلول السمنة المتاحة

في ظل ارتباط السمنة الوثيق بانقطاع النفس أثناء النوم، يصبح علاج السمنة أولوية وليس مجرد هدف تجميلي، والحلول اليوم أصبحت أكثر تطورًا وأمانًا بفضل التقدم في الطب والجراحة:

تغييرات نمط الحياة

تبدأ الخطوة الأولى دائمًا من تبني نظام غذائي متوازن وغني بالعناصر الغذائية، مع ممارسة نشاط بدني منتظم مثل المشي السريع أو السباحة، كذلك الاهتمام بالنوم العميق والبُعد عن التوتر.

العلاج الدوائي

هناك أدوية تساعد في التحكم في الشهية أو تحسين التمثيل الغذائي، ولكنها تُستخدم تحت إشراف طبي دقيق، وقد تكون خطوة مساندة قبل أو بعد الإجراءات الجراحية.

الإجراءات الجراحية 

تعتبر جراحات السمنة مثل التكميم الدقيق أو تحويل المسار وبالون المعدة من الحلول الناجحة في علاج السمنة، ما يترتب عليه تحسين التنفس أثناء النوم، حيث تشير الدراسات إلى  أن المرضى الذين خضعوا لجراحة السمنة لاحظوا تحسنًا في أعراض انقطاع النفس أثناء النوم.

المتابعة النفسية والطبية المستمرة

إن فقدان الوزن رحلة طويلة، وتتطلب دعمًا نفسيًا وتحفيزيًا مستمرًا، فالمتابعة مع فريق طبي مختص تساعد في الحفاظ على النتائج على المدى البعيد وتجنب الانتكاس.

وفي الختام، يظهر أن انقطاع النفس اثناء النوم ليس اضطرابًا عابرًا، بل مشكلة صحية تتداخل مع السمنة في علاقة معقدة، فالسمنة قد تكون هي السبب، وفي ذات الوقت انقطاع النفس اثناء النوم قد يزيد من صعوبة فقدان الوزن؛ مما يدفع الشخص إلى الانحباس في دائرة تتكرر، ويتطلب علاج هذا الاضطراب مقاربة شاملة.

احجز موعدك الآن مع دكتور أحمد شبانة وابدأ رحلتك نحو حياة أفضل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *