السمنة عند الأطفال

السمنة عند الأطفال هي مشكلة صحية متنامية، تؤثر ليس فقط على شكل الطفل الخارجي، بل تمتد لتؤثر على تطوره الجسدي والنفسي والاجتماعي. مع ارتفاع معدلات سمنة الأطفال في العالم العربي، أصبح لزامًا اتخاذ موقف جاد لمواجهة هذه الظاهرة، والبحث عن حلول عملية تبدأ من التمييز بين زيادة الوزن والسمنة، مرورًا بتحديد الوقت المناسب للتدخل، وصولًا إلى تطبيق أساليب علمية وآمنة تساعد الأطفال على استعادة صحتهم ونموهم الطبيعي.

Book an Appointment
حجز موعد

كيف نفرق بين زيادة الوزن والسمنة عند الأطفال

من الطبيعي أن يمر الطفل بمراحل نمو يزداد فيها وزنه، ولكن هناك فارق كبير بين زيادة وزن الطفل الطبيعية وبين سمنة الأطفال. يتم تحديد هذا الفارق باستخدام مؤشر كتلة الجسم (BMI) بالنسبة للعمر والجنس، حيث:

  • زيادة الوزن: تقع عندما يكون مؤشر كتلة الجسم بين النسبة المئوية 85 و95.
  • السمنة: تبدأ عندما يتجاوز المؤشر النسبة المئوية 95 مقارنة بأقرانه.

وفي النهاية، الفيصل الأساسي هو مدى تأثير الوزن على صحة الطفل ونمط حياته، وليس الرقم على الميزان فقط.

ماذا يعني أن يكون طفلك مصابًا بالسمنة؟

عندما يُشخص الطفل بـ”السمنة”، فهذا يعني أن جسمه يحتوي على نسبة عالية من الدهون تتجاوز الحدود الصحية، ما قد يؤثر على القلب، الجهاز التنفسي، المفاصل، وحتى الصحة النفسية. مع التنبيه على أن السمنة لا تُقاس بالعين، بل يجب أن تستند إلى تقييم طبي دقيق، يشمل الوزن، الطول، ومؤشرات النمو الأخرى. 

ما هي أسباب انتشار السمنة عند الأطفال بشكل ملحوظ؟

يمكن تلخيص أسباب انتشار السمنة في العصر الحديث في ثلاثة محاور رئيسية: سلوكية، اجتماعية وثقافية، وغذائية

  • فعلى المستوى السلوكي، يخشى بعض الأهالي حرمان الطفل من بعض الأطعمة بدافع الحب والرغبة في إسعاده، مما يؤدي أحيانًا إلى تعويده على الإفراط في تناول السكريات والأطعمة عالية الدهون. لذا، من الضروري تحقيق توازن بين رغبات الطفل في الأكل والمحافظة على صحته ونموه على المدى الطويل.
  • أما من الجانبين الاجتماعي والثقافي، فما زال الاعتقاد بأن الطفل الذي يعاني من زيادة في الوزن هو طفل يتمتع بصحة جيدة راسخًا في بعض البيئات، إذ يرتبط الوزن الزائد في الوعي الشعبي بمفهوم القوة والعافية، وهو ما قد يسهم في تطبيع السمنة واعتبارها مظهرًا طبيعيًا من مظاهر الصحة.
  • أما من الناحية الغذائية، فقد أدى انتشار الأطعمة الجاهزة والمصنعة وسهولة الوصول إليها إلى تغيّر كبير في العادات الغذائية، إذ أصبحت الوجبات الغنية بالدهون والسكريات أكثر حضورًا في النظام الغذائي اليومي، على حساب الأطعمة الطبيعية والمغذية، وهو ما ساهم في زيادة السمنة عند الأطفال.

أسباب السمنة عند الأطفال 

تشمل أسباب السمنة عند الأطفال مزيجًا من العوامل البيئية والسلوكية والوراثية، وأحيانًا الطبية. من أبرزها:

1. عوامل سلوكية:

  • قلة النشاط البدني وكثرة الجلوس أمام الشاشات.
  • عدم ممارسة الرياضة أو المجهود البدني.

2. عوامل غذائية:

  • تناول كميات كبيرة من السعرات الحرارية، خاصة الوجبات السريعة والمشروبات الغازية والدهون.
  • عدم متابعة الأهل للنمط الغذائي الطفل، مما يؤدي إلى تناول كميات كبيرة من الطعام بشكل يؤدي لزيادة وزن الطفل بشكل مفرط.

3. عوامل بيئية

  • نمط الحياة الأسري: فالأطفال غالبًا ما يكتسبون العادات الغذائية من الوالدين أو المحيط القريب.
  • التوتر النفسي أو اضطرابات النوم، والتي قد تدفع الطفل لتناول الطعام بشكل مفرط كوسيلة للتعامل مع الضغط أو القلق.

4. عوامل صحية ووراثية

  • تشير العديد من الدراسات إلى أن الجينات تلعب دورًا مهمًا في السمنة لدى الأطفال، إذ تؤثر في الشهية، الشعور بالشبع، ومعدل الأيض، وغيرها من العوامل المرتبطة بزيادة الوزن.
  • اضطرابات هرمونية مثل كسل الغدة الدرقية (وهي حالات نادرة).

أعراض السمنة لدى الأطفال

اعراض السمنة لدى الأطفال قد لا تكون واضحة دائمًا، ومع ذلك يوجد بعض الأعراض التي يمكن من خلالها تحديد ما إذا كان الطفل يعاني من السمنة أم لا، مثل: 

  • تراكم الدهون في مناطق محددة مثل البطن أو الرقبة.
  • ضيق التنفس عند بذل مجهود بسيط.
  • خمول وتعب دائم.
  • آلام المفاصل.
  • مشاكل في الثقة بالنفس أو الانعزال الاجتماعي.
  • زيادة ملحوظة وسريعة في مقاسات الملابس مقارنة بالأقران.

كيفية تشخيص السمنة عند الأطفال

من المهم التأكيد على أن التشخيص السليم للسمنة عند الأطفال يجب أن يكون من خلال طبيب متخصص، حتى يتم فهم طبيعة السمنة التي يعاني منها الطفل، وما يترتب عليها من إجراءات لحل هذه المشكلة. وبشكل عام من أبرز الأدوات التي يمكن من خلالها تشخيص السمنة:
 

1. مراقبة مؤشرات النمو بانتظام

من المهم متابعة مؤشرات النمو مثل الطول والوزن بشكل دوري، والاستعانة بمؤشر كتلة الجسم (BMI) كوسيلة عملية لتقييم ما إذا كان وزن الطفل مناسبًا لعمره وطوله.

2. الاسترشاد بجداول الوزن والنمو

رغم أن جداول الوزن والطول تعتبر أدوات استرشادية فقط، فإن مقارنتها مع وزن وطول طفلك قد تساعدك في التعرف على وجود أي انحراف عن المعدلات الطبيعية، مما قد يشير إلى وجود سمنة.

3. استشارة الطبيب المختص

إذا لاحظت علامات تدل على زيادة ملحوظة في وزن طفلك، لا تتردد في مراجعة الطبيب المختص. حيث أن الطبيب يستطيع تحديد ما إذا كانت هذه الزيادة طبيعية أم مؤشراً على وجود سمنة تتطلب تدخلاً.

4. لا يمكن الاعتماد على الشكل الخارجي فقط

شكل الجسم لا يُعطي دائمًا مؤشراً دقيقًا، فقد يبدو بعض الأطفال بأوزان “عادية”، لكنهم يحملون نسب دهون أعلى من الطبيعي، وهو ما قد لا يظهر إلا بالفحوص الطبية.

جدول وزن الطفل حسب العمر

يُعد جدول الوزن الطبيعي للأطفال مرجعًا استرشاديًا يساعد على متابعة نمو الطفل بشكل عام، لكنه لا يُستخدم بمفرده لتحديد ما إذا كان طفلك يعاني من زيادة في الوزن أو السمنة. في هذا الجدول سنعرض مجموعة من الأرقام التقريبية التي يمكن الاستعانة بها لمراقبة تطور الوزن ومقارنته بالمعدلات الطبيعية لكل عمر.

جدول وزن الطفل الطبيعي للذكور

العمر

الوزن الطبيعي (كجم)

سنة واحدة

8 – 11

3 سنوات

10 – 15

6 سنوات

17 – 23

10 سنوات

25 – 38

13 سنة

35 – 50

جدول وزن الطفل الطبيعي للإناث

العمر

الوزن الطبيعي (كجم)

سنة واحدة

7.5 – 10.5

3 سنوات

11.5 – 14.5

6 سنوات

16 – 22

10 سنوات

24 – 37

13 سنة

36 – 52

من المهم التأكيد على أن هذه الأرقام استرشادية فقط، ولا يمكن الاعتماد عليها وحدها لتشخيص السمنة أو النحافة. الأهم هو حساب مؤشر كتلة الجسم (BMI) ومتابعة النمو الطبيب المتخصص.

علاج سمنة الاطفال

علاج السمنة عند الأطفال لا يعني حرمان الطفل من الطعام، ولا يعني كذلك السماح للطفل بتناول الطعام غير الصحي بكميات كبيرة خوفاً من إحباطه. بل يجب تعديل نوعية الطعام وكميته وتوقيت تناوله. وبشكلٍ عام، طريقة علاج زيادة الوزن والسمنة عند الأطفال تكون عن طريق الآتي، حسب درجة السمنة ورأي الطبيب المتخصص:

1. اتباع نظام غذائي متوازن وصحي

النظام الغذائي يختلف بحسب حالة كل طفل، وزنه، طوله، ودرجة السمنة التي يعاني منها، ولكن بشكل عام من المهم أن يحتوي النظام الغذائي السليم لإنقاص الوزن على:

  • تقليل السعرات الحرارية التي يتناولها الطفل بما يحقق عجزًا معتدلًا في السعرات وفقًا لتوصية الطبيب 
  • وجبات يومية بكميات متوازنة ومناسبة.
  • تقليل السكر الأبيض والوجبات السريعة والدهون غير الصحية.
  • تعزيز استهلاك البروتين النباتي والحيواني.
  • شرب كميات كافية من الماء.
  • تشجيع الطفل على الأكل ببطء ومضغ الطعام جيدًا.

ولا يمكن أيضًا تجاهل أهمية الرياضة ودورها الهام في مساعدة الطفل على التخلص من السمنة وتحسين صحته العامة وجودة حياته

2. أدوية علاج السمنة عند الأطفال

قد يُوصى الطبيب باستخدام دواء لسد الشهية للأطفال في حالات معينة عند فشل النظام الغذائي والرياضة وخاصة إذا كانت السمنة تؤثر على صحة الطفل العامة. لكن يُشترط:

  • عمر مناسب.
  • إشراف طبي دقيق.
  • خطة غذائية مرافقة.
  • فشل العلاجات الأخرى.

3. العمليات الجراحية للأطفال

5 أسباب تخلي التكميم الدقيق الخيار المثالي للأطفال

  • في بعض الحالات المتقدمة من سمنة الاطفال، خاصة عندما تفشل الوسائل الأخرى في تحقيق نتائج فعالة ومستدامة، قد يكون الحل الجراحي هو الخيار الأخير والأنسب. ومن بين هذه العمليات الجراحية، تبرز عملية التكميم الدقيق (الميني سليف) كأحد العمليات المناسبة للأطفال، بشرط أن يتم اتخاذ القرار بعد دراسة متأنية وشاملة.
  • تهدف هذه العملية إلى تصغير حجم المعدة بنسبة كبيرة، مما يؤدي إلى تقليل كمية الطعام التي يمكن أن يتناولها الطفل في كل وجبة، وبالتالي المساعدة على خسارة الوزن بشكل تدريجي وآمن. 
  • لكن من المهم التأكيد على أن اللجوء للعمليات الجراحية لا يتم بشكل عشوائي، بل يُجرى فقط بعد تقييم نفسي وطبي دقيق، يشمل التأكد من جاهزية الطفل النفسية والجسدية، ودراسة مدى التزامه المحتمل بتغييرات نمط الحياة بعد العملية. كما يتم إشراك الأسرة في هذا التقييم لضمان وجود بيئة داعمة تساعد الطفل على النجاح في رحلته نحو وزن صحي بشكل آمن.

متى نلجأ للتدخل الطبي؟

التدخل الطبي يصبح ضروريًا إذا:

  • كان الطفل يعاني من زيادة شديدة في الوزن تصل لحد السمنة المفرطة، وخاصة إذا كانت تؤثر على صحته الجسدية والنفسية وحياته الاجتماعية
  • أثرت السمنة على نشاط الطفل أو نومه أو تحصيله الدراسي، حينئذ يكون التدخل الطبي مهم لمساعدة الطفل.
  • ظهرت أمراض مرافقة مثل السكر أو مشاكل في المفاصل.
  • فشلت محاولات النظام الغذائي والرياضة.

عند حصول أي من هذه المشاكل، قد يوصي الطبيب بإحدى وسائل علاج السمنة عند الأطفال سواء دوائية أو جراحية بحسب الحالة.

هل يمكن إجراء تكميم معدة للأطفال

يمكن إجراء جراحة لعلاج سمنة الاطفال، لكن التدخل الجراحي يجب أن يكون محسوبًا بدقة بسبب حاجة الطفل في مراحله العمرية المختلفة إلى عناصر غذائية وفيتامينات أساسية. لذلك لا يُفضل إجراء عملية التكميم التقليدي (Traditional Sleeve) للطفل لأنه قد يؤثر سلبًا على المعدة وصحته مستقبلًا.

من بين البدائل المناسبة يظهر التكميم الدقيق (الميني سليف)، حيث يتم تصغير حجم المعدة مع الحفاظ على وظيفتها الطبيعية. هذا الإجراء ساعد العديد من الأطفال لأنه يقلل الإحساس بالجوع، وفي الوقت نفسه يسمح للطفل أن يأكل ويشبع دون مشاكل مثل الارتجاع، الحموضة، الترهل أو الضعف العام.

ابدأ رحلة علاج طفلك اليوم مع الدكتور أحمد شبانة

في مركز كونتورز، نحن ندرك تمامًا مدى صعوبة السمنة عند الأطفال والتحديات التي تواجه الأهل والطفل في التعامل معها. لذلك، نقدم رعاية مخصصة لكل طفل، تبدأ من التغذية السليمة والتقييم الطبي، وقد تشمل التدخل الجراحي عند الحاجة.

لأن صحة الطفل الجسدية والنفسية أولوية لا يمكن تجاهلها، دكتور أحمد شبانة هنا لدعمك ومرافقتك في كل خطوة على طريق العلاج.

الاسئلة الشائعة

متى يعتبر وزن الطفل غير طبيعي؟

الوزن غير الطبيعي هو أي وزن يؤثر سلبًا على الصحة الجسدية أو النفسية للطفل. ويُعتمد في التقييم على:

  • مقارنة الوزن مع الطول والعمر باستخدام مخططات النمو.
  • استخدام مؤشر كتلة الجسم للأطفال (BMI-for-age percentiles).
  • وجود أعراض مرافقة مثل ارتفاع ضغط الدم أو مقاومة الإنسولين.
هل يمكن للأطفال إجراء جراحة إنقاص الوزن؟

نعم، يمكن للأطفال الخضوع لجراحة إنقاص الوزن، لكن بشروط دقيقة. لا يُجرى التدخل الجراحي مباشرة إلا بعد شرح العملية للطفل والتأكد من استيعابه لها، وتجربة جميع الحلول التقليدية مثل تعديل النظام الغذائي وزيادة النشاط البدني أولًا. إذا لم تحقق هذه الطرق النتيجة المطلوبة، فقد يكون التدخل الجراحي هو الحل الأنسب.